الاحصاء الاستدلالي
العينة والمعاينة (مقدمة منهجية قصير جدا)
وصف الكتاب
يُعتبر الإستقراء (Inductive) عن عملية إستدلال صاعد ينتقل فيه الباحث من الحالات الجزئية إلي القواعد العامة ، أي انتقال من ملاحظة الجزئيات إلي الحكم العام ، ولذلك فإن نتائج الإستقراء تعتبر أعم من مقدماته ، ويتحقق الإستقراء من خلال الملاحظة والتجربة ومختلف تقنيات البحث المتبعة.
والإستقراء عند المنطقيين هو الحكم علي كلي بما يوجد في جزئياته الكثيرة؛ ويعرفه الإمام الغزالي بقوله ( هو تصفح لجزئيات كثيرة داخلة تحت معني كلي ، حتي إذا وُجدَ حكم في تلك الجزئيات حُكم علي ذلك الكلي به)
تمنح أطروحة الإستقراء إذن الأسبقية لجميع الملاحظات عن الظواهر بهدف الاستنتاج الممكن للإفتراضات العامة المؤدية إلي بعض الإنسجام (أنجرس، 2004 ، 50) ، ويتدرج فيها البحث العلمي من الوقائع المخصصة والمحددة (More Specific) إلي العموميات (General) ويمكن فهم هذا الأسلوب باعتبار أنه يتسم بإجراء دراسات الهدف منها تعميم الحالات الخاصة المحددة إلي نظريات وأفكار عامة أو موسعة (Generalizations) ويطلق علي هذا الأسلوب أحياناً أسلوب المقاربة الصاعدة (Bottom up Approach).
وبهذا فإن اعتماد البحث العلمي علي أسلوب الإستقراء في تمحيص الظواهر ودراساتها؛ جعل القائمين عليه أمام خيارين أساسيين ؛ فهم إما يدرسون جميع الوحدات المكونة لمجتمع الظاهرة ؛ فيما يسمي بالمسح الشامل ؛ (Complete Census) أو يقتصرون علي دراسة بعض الوحدات من هذا المجتمع الخاص بالظاهرة المدروسة ؛ فيما يسمي بالمعاينة (Sampling Method).
ورغم أن الكمال في البحث العلمي يرتبط بوصول الباحث إلي كل عناصر مجتمع البحث الذي يودّ دراسته إلا أن هذا الأمر ليس متاحاً في كل الأوقات والمواقف البحثية ؛ حيث ان أغلب المجتمعات المرجعية تتكون من أعداد كبيرة تتجاوز إمكانيات الباحثين في الوصول إلي جميع أفرادها ؛ مما جعل هؤلاء الباحثين في حاجة ماسة إلي اعتماد المعاينة كخيار وحيد ؛ لكن هذا الاضطرار لم يكن ليعني أن أسلوب المعاينة هو مجرد أسلوب بديل ؛ بل هو أسلوب أصيل يحوز علي العديد من المبررات المنطقية والبحثية التي تدعم استعماله وتعزز الثقة فيه.
غير أن هذا الخيار البحثي -ونظراً لارتباطه بأهداف البحث العلمي خصوصاً فيما يتعلق بتعميم النتائج- يستلزم من الباحث تجنب بعض المحاذير في مقابل الخضوع لمجموعة من المحددات ؛ بدءاً من تنظيم الأطر الخاصة بالمجتمع الذي سيسحب منه وحداته ؛ مروراً باختيار الأسلوب الأمثل لسحب العينة وتقدير حجمها وتجنب الأخطاء الخاصة بالمعاينة ؛ وانتهاءً بكيفية عرض مخرجاتها في تقرير البحث العلمي ؛ وستكون هذه المحددات سابقة الذكر هي محور نقاشنا في الصفحات القادمة.\
إرسال تعليق
0 تعليقات