السلاسل الزمنية
مقدمة في التحليل الحديث للسلاسل الزمنية
وصف الكتاب
من المؤكد أن تحليل السلاسل الزمنية علي المستوي العالمي قد شهد في النصف الثاني من القرن العشرين تطوراً بالغ الأهمية خاصة في العقود الثلاثة الأخيرة،ومن المؤكد أيضاً أن هذا التطور يعزي إلي المنهجية الحديثة التي قدمها العالمان بوكس وجينكينز في مطلع السبعينات من نفس القرن والتي أصبحت منذ ذلك الوقت الأداة الأكثر قبولاً وشيوعاً في الأوساط العلمية والنظرية والتطبيقية خاصة في العالم المتقدم حيث أثبتت هذه المنهجية كفاءة عالية في نمذجة البيانات الزمنية والتنبؤ بها. ومنهجية بوكس وجينكينز نقلة نوعية غير مسبوقة في نمذجة البيانات الزمنية والتنبؤ بها والمدخل الحقيقي للتحليل الحديث للسلاسل الزمنية، وقد أصبحت في فترة وجيزة المرجعية الرئيسية للخبراء والباحثين والدارسين داخل وخارج أروقة الجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والاستشارات العلمية التي يتم علي أساسها تقويم معظم الدراسات الحديثة. وقد اكتملت الركائز الرئيسية لهذه المنهجية من نظريات إحصائية وطرق عددية ووسائل بيانية وحسابية بنهاية السبعينات من القرن العشرين.
وعلي الرغم من الانتشار الهائل لهذه المنهجية والتي تكتسب في كل يوم أنصاراً جدد من جميع أنحاء العالم فإن هذه المنهجية لم تعرف طريقاً ممهداً إلي الكتب والمراجع والأبحاث في البلاد العربية، ومازال تطبيق هذه المنهجية في هذه البلاد يدخل في باب الرفاهية الفكرية حيث تعاني هذه المنهجية في بلادنا من غربة الانتشار والذي يكاد يقتصر علي عدد قليل من الباحثين داخل أروقة الجامعات والمعاهد ومراكز البحث العلمي. كما تعاني هذه المنهجية في البلاد العربية من قصور واضح في كيفية استخدام هذه المنهجية خاصة إذا كان المستخدم يفتقر إلي الخبرة والمهارة والممارسة العملية الضرورية لتطبيق مثل هذه المنهجية، فالأعمال الراهنة بالصورة التي نراها في تطبيق مثل هذه المنهجية في بلادنا تلقي بظلال قائمة علي مستقبل هذه النوعية من التحليل. وكانت نتيجة ذلك أن خلت المكتبة العربية او كادت من الكتب والمراجع العربية المتخصصة في السلاسل الزمنية والتي تستهدف الطالب المتخصص في الإحصاء في مرحلة البكالوريس.
ولقد نبتت لدي فكرة هذا الكتاب الذي يستهدف الدارس للإحصاء دراسة أكاديمية منذ فترة طويلة لعدة أسباب، أولها إثراء المكتبة العربية بكتاب متخصص في التحليل الحديث للسلاسل الزمنية والتي تكاد تخلو من مثل هذه النوعية من الكتب،وثانيها أن منهجية بوكس وجينكنز هي الأكثر قبولاً وشيوعاً في الأوساط العلمية والنظرية والتطبيقية، وثالثها أن الأبحاث العديدة في هذه المنهجية والتي ساهمت في تحكيمها علي مدار سبعة عشر عاماً كانت تعاني من قصور واضح في كيفية تطبيق هذه المنهجية، ورابعها أن الكتب الأحنبية المتاحة في هذا المجال إما أن تكون نظرية بحتة تفوق قدرات الطالب المتخصص في الإحصاء. لكل هذه الأسباب كان هذا الكتاب والذي أردته منذ البداية أن يجمع بين النظرية والتطبيق.
ويهدف هذا الكتاب بصفة عامة إلي تقديم منهجية بوكس وجينكنز في التحليل الحديث للسلاسل الزمنية، ويركز الكتاب علي الجوانب النظرية الضرورية لفهم هذه المنهجية، كما يركز علي الأدوات والنظريات الإحصائية الضرورية لتنمية قدرة الطالب أو القارئ بفة عامة علي استخدام المنطق الرياضي والإحصائي في هذا المجال والذي يتناسب مع قدرة الطالب في مرحلة البكالوريس. وإيماناً منا بأن التطبيق لا ينفصل عن النظرية فإن هذا الكتاب لا يغفل الجوانب التطبيقية والتي تهدف إلي تمكين الطالب في النهاية من التغلب علي مشاكل التعرف علي النموذج الملائم وتقدير معلمات هذا النموذج وتشخيصه والتنبؤ بالمشاهدات المستقبلية بحيث تتكون لدي الطالب أو القارئ مستقبلاً قدرة تحليلية وبحثية في مجال السلاسل الزمنية.
إرسال تعليق
0 تعليقات